معنى إيض سكاس في الثقافة الشعبية الأمازيغية
هي مناسبة تكثف الشخصية المغربية في بعدها الهوياتي، امازيغية، عربية، مغربية محظة ، تستمد اواصرها من الموروث الثقافي الشعبي السائد منذ الزمن البعيد ، تعرفها منطقة افركلى وواحات الجنوب الشرقي بصفة عامة، وقد يكون لها ارتباط شبه وثيق بالدين والاعتقاد معا.
يسميها البعض “ايض سكاس ” كما يسميها آخرون ” سبع خضاير” وهو ذاته الذي يطلق عليها في مناطق شتى من المغرب، والاكيد ان أي نص ديني لم يشر اليها بغض النظر عن الاعتبارات الروحية والتمسك بالأمل والتفاؤل بالخير .
بمجرد ما توشك فترة الليالي على الانتصاف ، تهيء العائلات والاسر في الجنوب الشرقي طعاما لايكون الا في نفس الوقت من السنة ، يتكون من خليط حبوب القمح والفول وبعض من حبات العدس وما شابهه من الخضروات الجافة او حتى الطرية ليكتمل عدد السبعة ، ليطهي بطريقة تقليدية تثير الدهشة على اناء النار ، ويرمى بداخل الاناء نواة تمر واحدة.
لتعد الاكلة في بهجة وحبور والكل ينتظر ان ينال حظوة الحصول على النواة ليكون الشخص المبارك للاسرة طول العام ، وتنتهي الحكاية في لحظة وضع النواة بمكان تخزين الحبوب تيمنا بها للحصول على المزيد من المنتوجات الفلاحية وتجلب البركة للاسرة وتيسرامور عيشها الاقتصادية.
في اجوا اخرى خارج المنازل ووسط تجمعات سكنية يطل بعضها على بعض في ساحة غالبا ما تكون مقابلة لوسط الدور او بداخل القصبة او القصر”اسراك” كما يسميه الجنوبيون ، يتجمع الشبان لاشعال نار كثيفة تصل السنتها في مرات عديدة الى سطوح المنازل المجاورة في صعود قوي نحو السماء ، ويكون الحطب معدا مسبقا من طرف هؤلاء الشبان الملتفين حول حلقة النار التي تسمى كذلك عند البعض ب “شعالة”.
حينها يردد الشبان اقوالا ويصدرون اصواتا تعبر عن فرح ما وبطرق تشمل حتى الالعاب الناريةحيت يقوم الكثير منهم بحزم ما يسمى ب “الفدام ” ويربطونه بحبال رقيقة يلوونها في السماء لتتطاير شظايا النار ، ومنهم من يغامر للقفز على النار سالما عندما تكون هادئة بما يكفي لذلك .
بينما تكون معظم النساء بعد العشاء اوقبله في انجاز مهمة غريبة ،خاصة عند الذهاب الى اسطبل البهائم لزيارة البقرة ، والتيمن بها وذلك بلمس ظهرها ودهن عمودها الفقري وقرونها بالسمن ، وكان تلك الليلة هي انطلاقة جديدة لتجديد اواصر الحياة وبعث الامل والفرحة طمعا في الخيروالتماسا للود والسلام .
وهناك من يعتقد ان هذا الفعل اشارة لاستكان الارواح الشريرة وابقاء الارض في توازنها المعهود خاصة وان الاعتقاد سائد بما قد يكون فيه جدل او نقاش ، حيث يؤمن الناس قديما وعن جهل ان الارض تتحول من قرن البقرة او العجل لترسو فوق الاخر ، فتكون الدعوات والمناجاة لتفادي انتهاء العالم .
في اتجاه اخر يقال ان هذه الليلة اجمالا ، تعتبر احتفالا صريحا لانتصار الامازيغ على الفراعنة المصريين في الزمن البعيد ، وجدير بالاشارة الى ان كل هذا الطقس المتنوع والذي يجهله الكثيرون له دلالات وايحاءات تاريخية ، تضفي على الوجود والكيان الامازيغيين صبغة الدوام والارتباط بالارض وبالعرف والتقليد .
ان “ايض سكاس”له اهمية بالغة في موروث الثقافة الامازيغية يحيل الى الكثير من التاويلات.
تعليقات
إرسال تعليق